حدد قانون الشركات الاردني الانواع التى يمكن ان تتخذها الشركات التجارية وهي :-
1- شركة التضامن
2- شركة التوصية البسيطة
3- الشركة ذات المسؤولية المحدودة
4- شركة التوصيه بالاسهم
5- الشركة المساهمة الخاصة
6- الشركة المساهمة العامة
وان لكل منها خصائص وقواعد تمتاز بها عن الانواع الاخرى والقواعد المشتركة بينها هي :-
1- عقد بين الشركاء/المساهمين
2- تكتسب الشركة الشخصية المعنويه مجرد تسجيلها
3- لها ذمه ماليه مستقله عن ذمم الشركاء /المساهمين
وقد عرفت المادة “582” من القانون المدني الاردني الشركة بنصها ((الشركة عقد يلتزم بمقتضاه شخصان او اكثر يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصته من مال او من عمل لاستثمار ذلك المشروع واقتسام ما قد ينشأ عنه من ربح او خسارة)). وبالتالي لابد من توافر الاركان الموضوعيه العامة لصحه عقد الشركة وهي :-
1- الرضا
2- المحل
3- السبب
4- الاهليه
وتوافر ايضا الركان الموضوعيه الخاصه وهي :-
1- تعدد الشركاء /المساهمين
2- تقديم الصص/ الاسهم
3- اقتسام الارباح والخسائر
4- نيه المشاركة
وتوافر الاركان الشكليه وهي :-
1- الكتابه
2- التسجيل
3- النشر – اعلان اشها الشركة
وحيث ان للشركة شخصية معنوية مستقله عن اشخاص الشركاء/ المساهمين فانها بالتالي تكتسب الحقوق وتتحمل الالتزامات كما هو الحال بالنسبه للشخص الطبيعي، الا ان الشخص العنوي لا يمكنه ممارسة حقوقه وتنفيذ التزاماته بنفسه، وانه لابد ان يقوم مقامه شخص طبيعي يمثله للقيام بهذه المهام، ويسمى هذا الشخص/الاشخاص ( مدير الشركة، هيئه المديرين، مجلس الادارة، الادارة التنفيذيه، المفوضون بالتوقيع ….) ليقوم/يقوموا بجميع الاعمال والتصرفات التى تحقق غايات الشركة وليتحدثوا باسمها ويمثلوها في علاقاتها مع الغير والشركاء/المساهمين. وقد يكون هذا/هؤلاء من الشركاء او من الغير وفق ما يتم الاتفاق عليه في عقد التاسيس والنظام الاساسي للشركة.
حيث تنص المادة “591” من القانون المدني الأردني على: ((1- كل شريك يعتبر وكيلا عن باقي الشركاء في مباشرة اعمال الشركة وفي التصرف بما يحقق الغرض الذي انشئت من اجله مالم يكن هناك نص او اتفاق على غير ذلك. 2- وكل شريك يعتبر امينا على مال الشركة الذي في يدة)). كما تنص المادة “597” من القانون المدني: ((1- يلزم كل شريك الذي له حق تدبير مصالح الشركة ان يبذل في سبيل ذلك من العناية ما يبذله في تدبير مصالحه الخاصة الا اذا كان منتدبا للعمل باجر فلا يجوز له ان ينزل عن عناية الرجل المعتاد. 2- ويلزمه ايضا ان يمتنع عن اي تصرف يلحق الضرر بالشركة او يخالف الغرض الذي انشئت من اجله)) .
ولغايات عدم التشتت، سوف احصر موضوع الحديث هذا ببند وحيد وهو: حالة قيام -مدير الشركة و/أو هيئة المديرين و/أو مجلس الادارة- المفوض بالتوقيع عن الشركة وتمثيلها، بالتعاقد مع الغير بعقود او اي التزامات لاتدخل ضمن غايات الشركة وليست متممه لاعمالها وليست من ضمن الصلاحيات المولاه له. فهل تكون الشركة في هذه الحالة ملزمة بتنفيذ تلك الالتزامات ام لا؟ وقبل الاجابه على هذا السؤال لابد ان نعرج على كل نوع من انواع الشركات والنصوص القانونيه التى تحكم ذلك (ستخصص هذه المقالة لبحث اشكالية المقال ضمن شركة التضامن والشركة ذات المسؤولية المحدودة).
اولا :- شركات الاشخاص (التضامن , التوصيه البسيطة ):
يتم تحديد المفوض بالتوقيع عن الشركة لممارسة الصلاحيات وتمثيلها لدي الغير وفقاً لما يتم الاتفاق عليه بين الشركاء في عقد التاسيس والنظام الاساسي للشركة واحكام القانون، ويعتبر المفوض وكيلا عن الشركة؛ حيث تلتزم الشركة بالاعمال التى يقوم بها بالنيابة عن الشركة وبالاثار المترتبه على هذه الاعمال، وذلك في الحدود التى لا تتعارض وغايات الشركة المحددة والمتفق عليها من قبل الشركاء بعقد الشركة وبيانها، وذلك وفقا لاحكام المادة “17/ب” من قانون الشركات والتى تنص: ((كل شريك مفوض بادارة شركة التضامن والتوقيع عنها يعتبر وكيلا عن الشركة وتلتزم الشركة بالاعمال التى يقوم بها بالنيابة عنها وبالاثار المترتبة على هذه الاعمال …..)). كما تنص المادة “18/أ” من قانون الشركات: ((على الشخص المفوض بادارة شركة التضامن سواء كان شريكا فيها او لم يكن ان يقوم بالعمل لصالحها بكل امانة واخلاص……)).
وبالتالي فان الشركة تلتزم بتنفيذ العقود التى يبرمها المفوض بالتوقيع عن الشركة ما دامت في حدود صلاحياته وضمن غايات الشركة , وبخلاف ذلك يلتزم هو شخصيا بما يخالف لك اتجاه الغير باستثناء الغير حسن النيه حيث تنص المادة “17/ب” من قانون الشركات: ((…..اما اذا كان الشريك غير مفوض وقام باي عمل باسم الشركة فتلتزم الشركة تجاه الغير حسن النية بهذا العمل وتعود على هذا الشريك بالمطالبه بالتعويض عن جميع الخسائر والاضرار التى قد تلحق بها جراء هذا العمل )). والغاية من ذلك لاستقرار الامور التجارية ومصالح العمل.
الا ان محكمة التمييز الاردنية كانت قد قضت بحكمها رقم 4361/2013 تايخ 6/6/2004: (اذا كان الشريك المفوض بادارة الشركة …. منفردا قام بالتوقيع عنها بموجب تفويض اليه ووقع مقترضا (مدينا) كما وقع عنها كفالة بالغ ما بلغ يكفل بموجبها تسهيلات الشركة المفوض عنها، فان الشركة المدعى عليها تلتزم بالاعمال التى قام المفوض بالنيابه عنها وبالاثار المترتبة على هذه الاعمال حتي ولو كان الاقتراض ليس وارد ضمن عقد تأسيسها ونظامها الاساسي وذلك عملا بالمادة “17/2” من قانون الشركات المذكور . كما انه لايوجد نص قانوني على ان الاعمال التى يقوم بها المفوض عن شركة التضامن والتى ليست من غايات الشركة ولم ينص صراحه عقد التاسيس والنظام الاساسي يعتبر باطلا).
ومن خلال استعراض قرار المحكمة الموقره، نجد انها ضمنيا اعتبرت عملية الاقتراض جزء مكملاً لغايات الشركة، وأن الاقتراض كان لتسير اعمالها. ولو كان هناك مخالفه او وجد الشركاء خلاف ذلك فلهم الرجوع عليه بالتعويض، لان خروج المفوض بالتوقيع عن صلاحياته وعن ارادة الشركاء وترتيب امور لاتدخل ضمن غايات الشركة مما يحملها اعباء والتزامات؛ حيث ان مسؤولية المفوض قِـبَلَ الشركة مسؤولية تعاقديه اسسها العقد الذي ابرم بين الشركاء والمفوض بالتوقيع عن الشركة والتي اصبح المفوض نائبا بموجبه عن الشركة، وبالتالي فان المفوض عن تولي ادارة شؤون الشركة ملزم بالقيام بالاعمال اللازمه لادارتها وفق حدود عقد الشركة ونظامها الموقع من قبلهم، وان المفوض يسأل من قبل الشركة والشركاء عن الاخطاء التى يرتكبها اثناء ادارة الشركة، وقد يسأل ايضا جزائيا اذا كان التصرف الذي قام به اثناء ادارته للشركة يشكل جريمه يعاقب عليها القانون.
ثانيا :- الشركة ذات المسؤوليه المحدودة :-
الشركة ذات المسؤوليه المحدودة عقد بين شركاء يلزم لانعقادة توافر الاركان الموضوعية العامة والخاصة، اضافة الى الركن الشكلي الذي سبق وان تم الاشارة اليه. ويتطلب لتكوين الشركة ذات المسؤولية المحدودة عقد تاسيس ونظام اساسي لها يحدد فيه البيانات الأساسية للشركة، والتي من ضمنها غايات الشركة؛ حيث تنص المادة “57” من قانون الشركات على ما يلي: ((يقدم طلب تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة الى المراقب مرفقا به عقد تأسيسها ونظامها الاساسي ….ويجب ان يتضمن ….اسم الشركة وغاياتها ….)). ويتولى ادارة الشركة مدير او هيئه مديرين وفق ما يتم الاتفاق عليه بعقد الشركة ونظامها الاساسي، ويعتبر المدير او هيئه المديرين هو الممثل القانوني الذي يعمل باسم الشركة وله صلاحيات وواجبات وعليه سلطة رقابه من قبل الهيئة العامة وان انحرف عن غايات الشركة فانه يتحمل المسؤولية المدنية او الجزائية وفق ما قام به من تصرف. حيث تنص المادة “60/ب” من قانون الشركات: ((يكون لمدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة او لهيئة المديرين فيها الصلاحيات الكاملة في ادارة الشركة في الحدود التي يبينها نظامها. وتعتبر الأعمال والتصرفات التي يقوم بها او يمارسها المدير او هيئة المديرين باسم الشركة ملزم لها في مواجهة الغير الذي يتعامل مع الشركة بحسن نية بغض النظر عن اي قيد يرد في نظام الشركة اوعقد تأسيسها)). كما تنص الفقرة “ج” من ذاتالمادة: ((يعد الغير الذي يتعامل مع الشركة حسن النية ما لم يثبت غير ذلك على انه لا يلزم ذلك الغير بالتحقق من وجود اي قيد على صلاحيات المدير او هيئة المديرين على سلطتهم في الزام الشركة بموجب عقدها او نظامها)). كما تنص المادة “61” من قانون الشركات على: ((يعتبر مدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة، سواء كان مديراً منفرداً لها او أحد أعضاء هيئة المديرين فيها، مسؤولاً تجاه الشركة والشركاء فيها والغير، عن ارتكابه اي مخالفة لأحكام هذا القانون و الأنظمة الصادرة بموجبه، ولعقد تأسيس الشركة ونظامها والقرارات الصادرة عن هيئاتها العامة او هيئة المديرين)).
وهذا ما اكدت عليه محكمة التمييز الأردنية بقرارها رقم 2083/2009 تاريخ 18/2/2010 بقولها: ((الزمت المادة (60) من قانون الشركات بفقرتيها (ب،ج) الشركة ذات المسؤولية المحدودة بتصرفات مديرها – سواء كان هذا المدير من الشركاء ام لا – او هيئه المديرين فيها بمواجهة الغير حسن النية وحسن النية مفترض في هذا الغير بصراحة النص مالم يثبت العكس، كما لايلزم هذا الغير بالتحقق من وجود اي قيد على صلاحيات المدير او هيئة المديرين بموجب عقد تأسيس الشركة او نظامها الداخلي –تمييز حقوق رقم 3452/2005 ورقم 3560/2007 -….وحيث ان الشركة المدعية تصرفت مع المدير … بحسن نية ولم تقدم المدعي عليها ما يثبت خلاف ذلك فان تصرفاته تكون ملزمة للشركة المدعي عليها)).
كما قرت محكمة التمييز في قرارها رقم 1694/2011 تاريخ 27/9/2011 ما يلي: (( …..وحسن النية مفترض في هذا الغير بصراحة النص مالم يثبيت العكس، كما لايلزم هذا الغير بالتحقق من وجود اي قيد على صلاحيات المدير او هيئة المديرين بموجب عقد تأسيس الشركة او نظامها الاساسي….)). كما قرت محكمة التمييز بقرارها رقم 3674/2005 تاريخ 23/5/2006 ما يلي ايضا: ((اذا كان المميز ضده الثاني ليس رئيسا لهيئة المديرين او مديرا عاما للشركة او نائبا لرئيس هيئة المديرين وليس مفوضا بالتوقيع عنها فيكون توقيعه على تعهد الشركة المميز ضدها …. غير ملزم للشركة ما دام انه ليس من بين الاشخاص المفوضين بالتوقيع عن الشركة …. يعتبر قانون الشركات قانونا خاصا والقانون المدني قانون عام وفي حال تعارض القانون العام مع القانون الخاص وكان القانون العام قد صدر فبل القانون الخاص فيعتبر الخاص استثناء من العام واذا صدر القانون العام بعد الخاص فهو معدل له. وحيث ان القانون المدني صدر قبل قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 فيعتبر قانون الشركات استثناء منه وهو القانون الواجب التطبيق فيما يتعلق بادارة الشركة والاعمال والتصرفات التى تقوم بها او يمارسها رئيس هيئه المديرين ونائبه والمدير العام وتعتبر ملزمة لها في مواجهة الغير الذي يتعامل مع الشكة بحسن نيه ولا يطبق على ذلك احكام القانون المدني)).
ويتضح من ذلك ان هيئة المديرين/المدير العام هم من يتولون ادارة الشركة واجراء كل التصرفات التى تقتضيها هذه الادارة باسم الشركة ولحسابها، وتلتزم الشركة بذلك مع الغير حسن النيه وان تجاوزت الادارة صلاحياتها حيث في هذه الحالة يتم الرجوع عليه من قبل الشكة او اي من الشركاء نيابة عن الشركة، حيث انه يعتبر وكيلا عن الشركة وبالتالي يلتزم بحدود هذه الوكالة، وان تجاوز او خالف ذلك فان المسؤوليه الناجمة عن اخطاه في الادارة يكون مسؤولا عنها، ويسال عن اي ضرر يلحق بالشركة والشركاء او الغير وملزم بتعويض الضر اذا تجاوز حدود سلطاته او اساء استعمال هذه السلطات.
اما ان مارس اعماله ونفذ واجباته بعنايه الرجل المعتاد والتزم بحدود صلاحياته، فلا مسؤوليه عليه سواء حققت الشركة ارباحا او خسائر، لان الشركة تمارس اعمال تجاريه وتحتمل الربح او الخسارة.
الخلاصة:
اذن، رأينا في ما سبق كيف أن الشركة (التضمان او ذات المسؤولية المحدودة) تكون مسؤولة عن أعمال المفوضين بالتوقيع عنها حتى وان خالفوا غايات الشركة او حدود التفويض الممنوح لهم طالما أن هذا التجاوز كان ازاء شخص حسن النية.
لكن السؤال الذي يثور في هذه اللحظة، ما هو التكييف القانوني الذي يحكم التزام الشركة في حينها؟ فالأصل أن العقد الموقع ما بين المفوض بالتوقيع قد نص على صلاحيات معينة يعد تجاوزها وفقاً لأحكام القانون المدني مقيداً للعقد. ودون الدخول في اشكاليات هذا التقييد وما ترتبه من تزاحم فقهي. فإن الأصل أن ينسحب هذا التقييد في العقد -باعتباره متصلاً به- الى الأصيل وهو في حالتنا هذه الشركة. الا أن قانون الشركات وضع نصاً خاصاً يحد من هذا التقييد ويجعل منه كأن لم يكن وأجبر الشركة على الامتثال لما فعله المفوض بالتوقيع عنها حتى وان خالف عقد التفويض او الوكالة الممنوحه اليه.
وما أود اثارته -ولربما التوسع في الحديث به مستقبلا في مقالات منفصله- هو: آلا يمكن القول في هذه الحالة أن مسؤولية الشركة اتجاه الغير -الذي تجاوز المفويض بالتوقيع عنها صلاحياته- قد انقلبت من مسؤولية عقدية الى مسؤولية يرتبها القانون؟ وما يرتبه هذا الأثر من أن خرق الشركة لالتزاماتها يرتب عليها العقوبات البسيطة -نسبياً- الواردة في نص المادة (282) من قانون الشركات والتي تقضي بما يلي (كل مخالفة لأي حكم من أحكام هذا القانون أو أي نظام أو أمر صادر بمقتضاه لم ينص القانون على عقوبة خاصة لها، يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن مائة دينار و لا تزيد على ألف دينار)؟؟
هذا سؤال مفتوح -عن قصد- أضع المشرع أمامه ان كان يبتغي حماية العلاقات التي تبرمها الشركات مع الغير حسني النية. فأغلب الظن أن دفعاً كهذا أمام المحاكم الأردنية لهو دفع مسببٌ تسبيباً صحيحاً، سيؤدي الى تطبيق الغرامة على الشركة بدلا من اجبارها على تنفيذ العقد؛ لانقلاب المسؤولية الناظمة لالتزام الشركة من عقدية الى مسؤولية يفرضها القانون ويضع على عدم التقيد بها عقوبة!
1 من التعليقات
[…] خطى الاستاذ محمد العماوي في مقالته السابقة (خروج المفوض بالتوقيع عن الشركة عن حدود التفويض)، فلطالما استوقفتني النصوص الاستثنائية في قانون […]