ضمن المفاهيم البسيطة لعلاقة الشركاء بالشركة نجد ان مسألة حصول الشركاء على الأرباح من الشركة أمر بسيط وقد يتم بصورة روتينية ودورية في كل نهاية شهر أو عند نهاية ربع السنة المالية، وعلى الرغم من أن عدداً لا بأس به من الشركات تتعامل وفقاً لهذا الأسس بحكم العادة إلا أن القانون يضع معاير مختلفة لكيفية استحقاق الشريك لأرباحه في الشركة، وسنتطرق في هذه المقالة الى الوقت الذي ينشأ به حق المساهم في الشركة بالحصول على الأرباح والمعايير التي يجب أن تتخطاها الشركة قبل توزيعها للأرباح على الشركاء والمساهمين بها.
إن من البديهي أن لكل شركة سنة مالية يحددها عقد التأسيس والنظام الاساسي للشركة، وغالبا ما تكون هده السنة المالية ممتدة من الأول من كانون الثاني وحتى الواحد والثلاثين من كانون الأول من كل سنة ميلادية (1/1 – 31/12)، مالم تقتضِ طبيعة الشركة تغيير السنة المالية لمواعيد أخرى.
ويتوجب على مجلس ادارة الشركة ان يعد خلال مدة لاتزيد عن ثلاثة اشهر من انتهاء السنة المالية للشركة الميزانية السنوية وبيان بالأرباح والخسائر الخاصة بالشركة بالإضافة الى تقرير مجلس الإدارة عن أعمال الشركة خلال السنة المالية، تمهيدا لعرض ما تقدم على الهيئة العامة للشركة في اجتماعها السنوي لمناقشة تلك البيانات واتخاذ القرار المناسب حيال ذلك بما فيها اتخاذ القرار حول توزيع الارباح و/او تدويرها، على ان يعقد هذا الاجتماع خلال الاشهر الاربعه التالية لانتهاء السنة المالية للشركة مرفقا بها تقرير مدقق حسابات الشركة، ويجب على مجلس الادارة ومدقق حسابات الشركة ان يقوموا باقتطاع الاحتياطيات القانونية واظهارها وفق التشريعات الناظمة لذلك بما في ذلك بند الارباح والخسائر للشركة، ويجب ان تكون تلك البيانات المالية للشركة متوافقة ومعايير المحاسبة والتدقيق الدولية المعتمدة.
وعليه، فلا يجوز توزيع اي عوائد على المساهمين إلا بعد التيقن من وجود أرباح صافية، وهو الاجراء الذي لا يتم إلا بعد تسوية الخسائر المدورة واطفائها من الارباح المتحققة وتسديد كافة التزامات الشركة.
ويقصد بالأرباح الصافية (الأرباح القابلة للتوزيع): ذاك الفارق بين اجمالي الايرادات واجمالي المصروفات، أو بلغة أخرى فهي اجمالي حصيلة الارباح الناتجة عن العمليات التى مارستها الشركة وذلك بعد خصم جميع التكاليف اللازمة لتحيق هذه الارباح واستبعاد كافة الاستهلاكات والمخصصات التى تقتضي التشريعات ومعايير المحاسبة اسبعادها قبل اجراء اي توزيع باية صورة من الصور وتضاف الى الارباح الصافية الارباح المدورة من سنوات سابقة. (الشركات التجارية د. سميحة القليوبي ص1137، الشركات التجارية د.فوزي سامي ص514، الوجيز في الشركات التجارية القاضي احمد الورفلي ص152)
كما وعرفت المادة (189) من قانون الشركات الاردني بان المقصود بالارباح الصافية للشركة هو الفرق بين مجموع الايرادات المتحققة في اي سنة مالية من جانب ومجموع المصروفات والاستهلاك في تلك السنة من جانب اخر، وقد اكدت على ذلك محكمة التمييز الأردنية بهيئتها الحقوقية ضمن قرارها رقم: 3668/2011 الصادر بتاريخ 4/1/2012.
وإزاء ما تقدم، فإن هنالك سؤلاً جدلياً قائماً في الواقع العملي حول الأرباح الكامنة، فهل يحق للشركة توزيع ارباح “كامنه” لم تتحقق فعليا؟
الحقيقة أن القانون قد اتى واضحاً بخصوص ما يمكن توزيعه على الشركاء والمساهمين في الشركة حاصراً ذلك بمفهوم الأرباح الصافية فقط؛ ذلك أن اتاحة توزيع أي مقدرات أو عوائد للشركة غير تلك المصنفة على أنها أرباح صافية من شأنه أن يوجد مخاطرة كبيرة على الشركة والغير وحقوق الدولة، بما في دلك تسهيل عمليات توزيع الأرباح الوهمية أو الإفصاح عن أرباح خلافاً للوضع الحقيقي للشركة (الوجيز في الشركات التجارية القاضي احمد الورفلي ص152).
كم سبق وأشرنا فإن اقرار توزيع الأرباح في الشركة يمر بعدة خطوات ابتداءً من صدور توصية عن مجلس الإدارة في الشركة للهيئة العامة لاتخاذ القرار بخصوص توزيع الأرباح، وانتهاءً ببحث الهيئة العامة لخياراته بخصوص توزيع الأرباح من عدمها، فما في ذلك إمكانية تجاوز توصيات مجلس الإدارة بتوزيع جزء من الأرباح من خلال زيادة هذا الجزء أو تخفيضه أو حتى رفضه أو تدوير هذه الأرباح للسنة أو للسنوات القادمة.
كما ويعد سكوت الهيئة العامة عن البت أو البحث في موضوع توزيع الأرباح تدويراً لهذه الأرباح.
اما في حال اتخاذ الهيئة العامة لقرارها بتوزيع الأرباح (بأي صورة من الصور) فيتوجب في حينها على مجلس الادارة الاعلان عن توزيع الارباح في صحيفتين يوميتين محليتين على الاقل وبوسائل الاعلام الأخرى خلال اسبوع من تاريخ قرار الهيئة العامة، والافصاح عن قرار توزيع الارباح للجهات الرقابية ضمن تلك المدة. على ان لا تزيد مدة موعد توزيع الارباح على المساهمين عن (45) يوما من تاريخ قرار الهيئة العامة بالتوزيع، وفي حال الاخلال بذلك تلتزم الشركة بدفع فائدة للمساهم بمعدل سعر الفائدة السائد على الوداع لأجل خلال فترة التأخير. شريطة ان لا تتجاوز مدة تأخير دفع الارباح عن ستة أشهر من تاريخ استحقاقها.
تالياً لقرار الهيئة العامة في الشركة بخصوص توزيع الأرباح، فإن هنالك سؤالاً عادة ما يثار في الواقع العملي، وهو حالة تحقيق الشركة لأرباح دون قيام الهيئة العامة بتوزيع تلك الأرباح، وهنا فهل يستحق اعضاء مجلس الادارة المكافأة المنصوص عليها في المادة (162) من قانون الشركات؟
ونرى هنا بأن المشرع المصري كان أكثر وضوحاً بهذه المسألة، حيث أجاز قانون الشركات المصري للهيئة العامة بناءً على اقتراح مجلس الادارة اذا رات ان حالة الشركة تستدعي تدوير الارباح الى سنة قادمه، أن تقوم بمثل هذا الاجراء ودون استحقاق مجلس الإدارة في هذه الحالة لأي مكافأة أو جزء من الأرباح؛ وذلك لعدم وجود ربح قابل للتوزيع مهما بلغت ارباح الشركة في ذلك العام (الشركات التجارية د. سميحة القليوبي ص1140).
وبالعودة الى نطاق تطبيق هذه المسألة ضمن حدود قانون الشركات الأردني، فنجد أن نص المادة (162) من قانون الشركات قد نص على استحقاق عضو مجلس الإدارة لما نسبته (10%) من الربح الصافي القابل للتوزيع على المساهمين بحد أقصى (5000) دينار. وأرى في هذه الحالة بأن نص قانون الشركات الأردني كان قد حدد معيار استحقاق عضو مجلس الإدارة لمكافأته بتحقق رصيد ربح صافي قابل للتوزيع دون اشتراط موافقة الهيئة العامة للشركة على توزيع الأرباح عن تلك السنة، وإن هذا التفسير هو أكثر سلامة وبه من المنطق ما يعززه؛ إذ أن وظيفية مجلس الإدارة كانت بإدارة الشركة وفق افضل السبل وتحقيق الإنجاز والارباح لها وهو ما تم بالحالة المتقدمة، بغض النظر عن قرار واتجاه الهيئة العامة المتعلق بتوزيع الأرباح من عدمها؛ إذ ان ذلك شأن منفصل لا ينبغي أن يؤثر على حقوق مجلس الإدارة الذي دأب بالعمل حداً أوصل الشركة نحو تحقيق ربح صافي لها.
سبق وأن ناقشنا جزءً من سياق الاستفسارات أعلاه حول متى يستحق الشريك في الشركة للأرباح ضمن مقال سابق تحت عنوان: (توزيع أرباح الشركة)، ولعل خلاصة هذا المقال تتمحور حول الأسئلة أعلاه والتي قدمنا لعرضها فيما بينا آنفاً، ودون إعادة بحث تفصيلات النقاط التي سبق وأن عالجناها في مقالنا السابق المشار إليه أعلاه.
وللإجابة عن الاستفسارات المتقدمة، فإننا نوضج بصورة مباشرة بأن حق المساهم في الأرباح ينشأ بمجرد صدور قرارٍ عن الهيئة العامة للشركة بالموافقة على توزيع الارباح وتحديد نسبتها، ويقصد بالمساهم المسجل في سجلات الشركة و/او مركزا ايداع الاوراق المالية بتاريخ اتخاذ قرار توزيع الارباح، وليس بمجرد اللحظة التى تحقق الشركة فيها أرباح. ويكون للمساهم الحق في استيفاء الربح تجاه الشركة منذ صدور قرار الهيئة العامة للشركة.
وعليه، فإن قرار الهيئة العامة للشركة بتوزيع الأرباح، يعد قراراً منشئاً لحق الشريك في هذه الأرباح وليس كاشفاً عنه.
اما بخصوص الارباح المدورة والمقره من قبل الهيئة العامة فهي تعتبر من ممتلكات للشركة ولا تعتبر حقاً للمساهم؛ حيث أن حق المساهم في الأرباح يغدو من لحظة اصدار الهيئة العامة لقرارها بتوزيع الأرباح بصورة صحيح ووفقاً لأحكام المادة (191) من قانون الشركات، وهو الأمر الذي سبق وأن اكدت علية محكمة التمييز الأردنية بهيئتها الحقوقية، ضمن قرارها رقم: 437/2007 الصادر بتاريخ: 15/11/2007؛ حيث اعتبرت قرار التوزيع المتخذ من قبل الهيئة العامة قرار منشئاً لحق الشريك في الربح وليس كاشفاً عنه.